جامعة خنشلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى التواصل بين طلبة جامعة عباس لغرور خنشلة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المدرسة الواقعية و الربيع العربي.. المسار المنحني للتاريخ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 303
تاريخ التسجيل : 09/05/2013

المدرسة الواقعية و الربيع العربي.. المسار المنحني للتاريخ Empty
مُساهمةموضوع: المدرسة الواقعية و الربيع العربي.. المسار المنحني للتاريخ   المدرسة الواقعية و الربيع العربي.. المسار المنحني للتاريخ Emptyالثلاثاء نوفمبر 12, 2013 9:22 pm

المدرسة الواقعية و الربيع العربي.. المسار المنحني للتاريخ
استراتيجية التوازن
وفقا للواقعية الجديدة، ونظرا لأن النظام الدولي تسوده الفوضى (اللاسلطة)، أي أنه لا توجد سلطة مركزية تحكم التفاعل بين الدول، يجب على كل دولة أن تنشئ وحدة للمساعدة الذاتية تساعدها على ضمان بقائها والحفاظ على مصالحها. فكما يقول كينيث والتز، مؤسس الواقعية الجديدة في كتابه «نظرية العلاقات الدولية»: «نظرا لأن بعض الدول ربما تستخدم القوة في أي وقت، يجب على كل الدول أن تستعد لأن تفعل ذلك أيضا، أو تعيش تحت رحمة جيرانها الأكثر قوة».

باراك أوباما.. يد ممدودة لكن لمن؟
تتناقض الواقعية السياسية مع المبادئ الليبرالية التي تحكم المجتمع الأميركي حاليا. وليس مفاجئا أن يتجاهل صناع السياسة الأميركيون الواقعية أثناء تشكيلهم للسياسة الخارجية للبلاد وأن يتبنوا بدلا منها سياسة تعتمد على الليبرالية. فكما يقول جون ميرشيمر في «مأساة سياسات القوة العظمى»: «يميل الأميركيون إلى معاداة الواقعية السياسية نظرا لأنها تصطدم بقيمهم الأساسية.. (مثل) إحساسهم العميق بالتفاؤل والأخلاقية.. فيما تتوافق الليبرالية، من جهة أخرى، تماما مع تلك القيم وليس مفاجئا إذن أن يبدو خطاب السياسة الخارجية للولايات المتحدة وكأنه مقتطع مباشرة من المحاضرة رقم 101 لليبرالية».
وتتوافق الاستجابة الأميركية للربيع العربي مع ملاحظة ميرشيمر، حيث إن الواقعية السياسية، كنظرية للعلاقات الخارجية – العلاقات بين الدول – ليس لديها الكثير لتقوله حول الثورات العربية في حد ذاتها. ومع ذلك، كانت الواقعية السياسية تحذر من التفاؤل المفرط الذي استحوذ على مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية صوب تدفق المصريين على ميدان التحرير وكانت تحذر من السياسات غير العقلانية التي نشأت عن ذلك التفاؤل. والأهم من ذلك أن تبني سياسة تعتمد على الواقعية السياسية صوب الشرق الأوسط كان سيعمل بلا شك على تقليل عداء الجماهير العربية التي تم تمكينها أخيرا تجاه الولايات المتحدة.
نجاح متوقع
في البداية، أخطأ صناع السياسة الأميركيون عندما افترضوا أن الانتفاضة الاجتماعية سوف تنجح بالضرورة. وعلى غرار العديد من المراقبين، استنتج الأميركيون عبر الانتفاضات التي اندلعت في تونس ومصر أن القوى القمعية لم يعد بإمكانها إسكات المواطنين المسلحين بوسائل الإعلام الاجتماعية والقنوات الفضائية. وأخذا في الاعتبار إيمانهم بهيمنة الدولة، وإمكانات القوة الخشنة، كان الواقعيون دائما يتشككون في ذلك الزعم. فعلى خلاف الدول المجاورة، يتكون الجيشان التونسي والمصري من قوات احترافية تربطها صلات قوية بالولايات المتحدة ولديها مصادر قوة مستقلة عن أنظمتها الحاكمة. كما كان الجيش المصري يشن قبل اندلاع الاحتجاجات صراعا صامتا على السلطة ضد مبارك لمنعه من نقل السلطة لابنه جمال. وبالتالي، لم يكن لديه سبب يجعله يساعد مبارك على الحفاظ على نظامه بل إنه قرر بدلا من ذلك أن مصالحه سوف يتم تحقيقها أكثر إذا ما سهل خلع مبارك. وحتى الآن، يبدو أن تلك الحسابات كانت دقيقة.
الصراع للاستيلاء على السلطة والحفاظ عليها لتأسيس نظام وخلق نوع من العدالة داخل الدول.. ربما يصبح أكثر دموية من الحروب بين الدول وهو ما ينطبق تماما على النماذج المتطرفة من الثورات
ثم كان للاعتقاد الخاطئ بأن الانتفاضة التالية سوف تكون على غرار النموذج المصري تكلفة باهظة بالنسبة للولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق بليبيا. وعلى الرغم من أن هناك عددا من العوامل التي دفعت الرئيس أوباما لاتخاذ قرار بدعم تدخل حلف شمال الأطلسي في هذا البلد، قال الرئيس أوباما نفسه إن السبب الرئيسي وراء ذلك كان خوفه من أن يخلق نجاح القذافي في القمع الوحشي للمتظاهرين تأثيرا ممتدا في جميع أنحاء المنطقة. وعلى الرغم من أن تدخل حلف شمال الأطلسي قد أثر بلا شك على الطريقة التي اتبعها غيره من الزعماء في قمع الثورات – مثل امتناع بشار الأسد عن استخدام القوات الجوية التي حافظت على نظام أبيه – في البلدان الأخرى وهو ما أسفر عن عنف مروع للدولة.
وفي الوقت نفسه، اعترف مسؤولون بالإدارة الأميركية بأن الولايات المتحدة ليست لديها مصالح حيوية في ليبيا. وعلى الرغم من أن التدخل مر على نحو أكثر هدوءا مما توقع المعارضون له، فإنه لم يكن بلا تكلفة. وكان من نتائج ذلك التدخل العسكري أن العديد من دول العالم غير الغربي أصبح ينظر لتدخل حلف شمال الأطلسي في ليبيا باعتباره ممارسة غير مشروعة للقوة وبالتالي رفضوا مساندة الولايات المتحدة في قضايا أخرى مثل القضايا المتعلقة بكل من إيران وسوريا. والأكثر تأثيرا على المصالح الأميركية، هو أن زعماء كوريا الشمالية وإيران قد نظرا لدور حلف شمال الأطلسي في خلع القذافي باعتباره مبررا لسياساتهما النووية.
الوهم الديمقراطي
كما أخفق صناع السياسة الأميركيون أيضا في افتراضهم بأن الانتفاضات الناجحة سوف تؤدي بالضرورة إلى ديمقراطيات ليبرالية، حيث كانت الديمقراطية هي أكثر النتائج المستبعدة للربيع العربي.
فبداية، لم تسفر من قبل الانتفاضات الاجتماعية المفاجئة عن ديمقراطيات. فهي في العادة تؤدي إلى صراع طويل وعنيف على السلطة لا يهدأ إلى عندما تستولي حكومة سلطوية على السلطة. فكما قال والتز، وهو محق، في كتابه «نظرية السياسات الدولية» فإن: «الصراع للاستيلاء على السلطة والحفاظ عليها لتأسيس نظام وخلق نوع من العدالة داخل الدول، ربما يصبح أكثر دموية من الحروب بين الدول». وهو ما ينطبق تماما على النماذج المتطرفة من الثورات، والتي لم تمر البلدان العربية بأي منها حتى الآن. حيث تطلب استحواذ السوفيات على السلطة في ظل لينين وستالين، مقتل نحو 30 مليون نسمة، فيما تسببت سياسات ماو الشاذة في مقتل نحو 10 ملايين صيني، فيما أطاح حكم بول بوت الذي امتد لأربع سنوات بما يزيد على 25 في المائة من سكان كامبوديا. جدير بالذكر أن أيا من هذه الدول لا تعد دولة ديمقراطية حتى وقتنا الراهن.
ويقدم التاريخ الحديث للعالم العربي ذاته دروسا إضافية. فعلى الرغم من أن المنطقة العربية شهدت حركتين سياسيتين كبيرتين منذ الحرب العالمية الثانية – الوحدة العربية في عهد ناصر في الخمسينيات والستينيات، والاحتجاجات الاقتصادية والسياسية الأقل شمولا في الثمانينيات والتسعينيات – لم تسفر أي منهما عن تحولات ديمقراطية بالمنطقة. بل وكما يقول مارك لينش: «لم تكن موجات الحراك الإقليمي تنتهي بالدمقرطة ولكنها كانت تسفر عن توغل أكثر عمقا للأنظمة السلطوية». ولا يوجد ما يشير إلى أن هذه المرة سوف تكون مختلفة.

المصالح الأميركية والربيع العربي
كما لم تكن هناك أسباب للاعتقاد بأن الانتفاضات الاجتماعية ستفيد الولايات المتحدة. فعلى الرغم من أن العديد في واشنطن كانت لديهم مخاوف محددة حول الربيع العربي – تتراوح من تراجع أمن إسرائيل وتمكين الإسلاميين إلى مخاوف أكثر إرباكا تتعلق باستفادة تنظيم القاعدة و/أو إيران من تلك الحركة – كان هناك إجماع عام في الإدارة الأميركية حول أن واشنطن سوف تفيد تماما من التحول في المنطقة. وكانت وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس قد استشعرت ذلك المزاج السائد عندما طالبت الأميركيين: «أن يثقوا في المسار المنحني للتاريخ» والذي يعكس أن «مصالح الولايات المتحدة ومثلها سوف تتحقق على نحو أفضل» في ظل شرق أوسط ديمقراطي. ولكن ليس هناك الكثير من الأسباب التي تعزز مسألة المسار المنحني للتاريخ تلك، حيث إن المصلحة الرئيسية للولايات المتحدة في المنطقة هي تأمين استمرار تدفق البترول. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة نفسها لا تحصل على الكثير من الطاقة من بترول الشرق الأوسط، فإن الأسواق الأوروبية والآسيوية التي لها أهمية كبرى بالنسبة لاقتصاد الولايات المتحدة تعتمد عليه. ومن ثم، فإن الولايات المتحدة لها مصلحة في حماية موارد البترول في المنطقة والتي تعني – في غياب سلطة مهيمنة – الحفاظ على درجة من الاستقرار.
ولا يوجد ما هو أكثر تأثيرا على الاستقرار من الثورات سواء كانت ديمقراطية أم لا. فكما ذكرنا من قبل، تثير الثورات صراعا ممتدا (وعنيفا في الغالب) على السلطة بين الجماعات المجتمعية التي تسعى لتشكيل النظام السياسي والاجتماعي الجديد. ودائما ما تكون التحولات الديمقراطية غير مستقرة على نحو خاص. فكما قال جاك سنيدر وإدوارد مانسفيلد في «التحولات الديمقراطية، القوة المؤسسية والحرب»: «منذ الثورة الفرنسية، تزامنت المراحل المبكرة للدمقرطة مع أكثر النزاعات القومية دموية في العالم».
وفي ذلك السياق، ليس مفاجئا أن يعرب نحو 40 في المائة من المصريين، في يونيو (حزيران) 2011، عن أنهم لا يشعرون بالأمان في الشوارع فيما كانت تلك النسبة تبلغ 17 في المائة قبل ذلك بعام. وبالمثل، نشر «مؤشر السلام العالمي 2012» قائمة وضعت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باعتبارهما أقل المناطق سلاما وبذلك احتلا المركز الذي كانت تحتله «أفريقيا جنوب الصحراء» منذ عام 2007.
كما يؤدي التغيير الاجتماعي السريع للدول إلى اضطرابات إقليمية. فقد وجدت دراسة لستيف وولت من جامعة هارفارد أن الدول التي تشهد ثورات تكون أكثر عرضة لنشوب النزاعات. والأهم من ذلك، كشفت الدراسات الإحصائية أن الدول التي تنتقل من النظام السلطوي إلى الديمقراطي: «يتعرض ثلثاها للتورط في شكل من أشكال الحرب (وتكون معرضة بنسبة الضعف لأن تتورط في حرب بين الدول) من الدول التي تستمر سلطوية».
كما ستعرقل الديمقراطية بصفة عامة الجهود الدبلوماسية للولايات المتحدة في المنطقة أخذا في الاعتبار انخفاض شعبية أميركا الاستثنائي بين الجماهير العربية. فعلى الرغم من أن صناع السياسة الأميركيين يدركون ذلك، يعتقد معظمهم أن واشنطن يمكنها إصلاح صورتها بسرعة من خلال تأييدها للمتظاهرين. ومن ثم، فإنه بعد ملاحظة عدم ثقة العالم العربي في الولايات المتحدة، زعم الرئيس أوباما: «نواجه فرصة تاريخية. لدينا فرصة لإظهار أن أميركا تثمن كرامة بائع متجول في تونس أكثر من القوة الغاشمة لديكتاتور».
لا يوجد ما هو أكثر تأثيرا على الاستقرار من الثورات سواء كانت ديمقراطية أم لا.. تثير الثورات صراعا ممتدا وعنيفا في الغالب على السلطة بين الجماعات المجتمعية التي تسعى لتشكيل النظام السياسي والاجتماعي الجديد ودائما ما تكون التحولات الديمقراطية غير مستقرة
وحتى الآن لم تكن النتائج مشجعة. فإحدى الطرق التي سعت من خلالها الإدارة لإظهار الولايات المتحدة تثمينها «لكرامة البائع المتجول كانت من خلال التدخل في ليبيا. فكما قالت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مباشرة بعد بدء عمليات حلف شمال الأطلسي: «إذا ما نظرت للتغطية التي تقدمها (الجزيرة).. تجد قدرا كبيرا من التقدير لما فعلناه نحن وغيرنا لإيقاف القذافي».
وإذا ما كان ذلك صحيحا، فإن ذلك التقدير سرعان ما اختفى. فبعد ساعات من شن حلف شمال الأطلسي لغاراته على ليبيا، انتقدت الجامعة العربية – التي كانت تحشد بقوة من أجل التدخل – أفعال حلف شمال الأطلسي، وبعد ذلك بعام، أكد أغلبية المواطنين في ثماني دول عربية بالإضافة إلى فلسطين والصومال معارضتهم لحملة الأطلسي على ليبيا.
كما حاولت إدارة أوباما أيضا تحسين الصورة الأميركية من خلال تعزيز الانتقال الديمقراطي والمجتمعات المدنية في العالم العربي. ولم يكن لذلك أيضا نتائج إيجابية. فقد كانت الكتابات تظهر بالفعل على الجدران في مارس (آذار) 2011، عندما رفضت قيادات الشباب المشاركة في الانتفاضة المصرية الالتقاء بهيلاري كلينتون. وفي الشهر التالي، أعرب 79 في المائة من المصريين عن أنهم ينظرون للولايات المتحدة بعدم ارتياح.
ورغم ذلك تعهد الرئيس أوباما بملايين الدولارات كمساعدة لمصر، وأنشأت وزارة الخارجية مكتبا كاملا مخصصا لمساعدة التحولات الديمقراطية بالمنطقة. ومع ذلك أعرب نحو ثلاثة أرباع المصريين في فبراير (شباط) 2012، عن معارضتهم للمساعدة الأميركية لبلادهم. والأهم من ذلك، أظهر استطلاع للرأي أجري في مارس 2011 أن 56 في المائة من المصريين كانوا ضد تأسيس علاقات قوية مع الولايات المتحدة، فيما أيد تلك العلاقات أقل من ربع الذين تم استطلاع آرائهم.
وعلى الرغم من أن التأييد الإقليمي للديمقراطية ما زال مرتفعا على نحو استثنائي، يجب العمل على تحسين رؤيتهم بشأن الولايات المتحدة. فقد اكتشف استطلاع حديث للرأي شمل آلافا من المواطنين من نحو 12 دولة عربية أن 73 في المائة من الذين تم استطلاع آرائهم كانوا ينظرون إلى الولايات المتحدة أو إسرائيل باعتبارهما أكثر الدول المهددة لهم أو لبلدانهم. فيما قال نحو 5 في المائة فقط الشيء نفسه حول إيران.
الخلاصة
لم تنجح إدارة أوباما في تحسين صورة أميركا في العالم العربي في أعقاب الانتفاضة أكثر مما تمكنت من فعله قبل اندلاعها. ويعكس جانب من ذلك فقدان الثقة العميق في الولايات المتحدة والذي من المرجح أن يستمر لفترة مقبلة.
ومع ذلك، فإن هجوم القوة الناعمة الذي شنته الإدارة الأميركية على العالم العربي، كان ليجد نجاحا إذا ما تبنى الرئيس سياسة شرق أوسطية أكثر واقعية. فقد كان أحد أهم أوجه قصور جهود الإدارة في التواصل هو إخفاقها في الأخذ في الاعتبار ما يشعل غضب العرب تجاه أميركا في الأساس. والمفارقة، أخذا في الاعتبار سمعة الواقعية في واشنطن، ربما تكون السياسة الواقعية صوب الشرق الأوسط أكثر توافقا مع ما قال العرب أنفسهم إنهم يرغبون في أن تمارسه الولايات المتحدة حيال القضايا التي تهم معظمهم. فعلى سبيل المثال، دائما ما تشير الاستقصاءات إلى أن العرب كانوا يعارضون بقوة الوجود العسكري الأميركي في منطقتهم.
وعلى الرغم من أن إدارة أوباما قد انسحبت بتردد من العراق، فإنها زادت انتشارها العسكري في عدة أماكن أخرى لمواجهة إيران. وهو ما تضمن نشر 2-3 حاملات طائرات في الخليج العربي، وزيادة هجمات طائرات الدرون في بلدان مثل اليمن والصومال ونشر الطائرات المقاتلة إف 22 في الإمارات العربية المتحدة، وإجراء مناورات عسكرية واسعة النطاق مع الأردن واستخدام موانئ في الخليج لأول مرة منذ سنوات بعيدة.
وعلى النقيض من ذلك، كان الواقعيون الأميركيون يفضلون دائما استراتيجية توازن خارجي تجاه الشرق الأوسط يتم عبرها الحد من الخطوات العسكرية الأميركية. حيث يؤكد الواقعيون إن السياسات الأميركية لم تساعد إلا على تعزيز الجماعات الإرهابية العالمية مثل تنظيم القاعدة وحث بلدان مثل إيران على السعي وراء امتلاك السلاح النووي. وفي الحقيقة، وفيما يتعلق بإيران، دعا العديد من الواقعيين إلى عقد صفقة أخذا في الاعتبار العديد من المصالح المتقاطعة بين إيران والولايات المتحدة. كما أظهرت الاستقصاءات أيضا أن التوجهات العربية تجاه الولايات المتحدة قد تأثرت إلى حد بعيد بفكرة انحياز أميركا الدائم لإسرائيل في نزاعها المستمر مع الفلسطينيين.
وفي استطلاع للرأي أجري عام 2008 في ست دول عربية، قال 50 في المائة من الذين تم استطلاع آرائهم إن عقد صفقة سلام في الشرق الأوسط سيكون أفضل حل لتحسين صورة الولايات المتحدة. ولكن إدارة أوباما لم تعمل بتلك النصيحة بل إنها بدلا من ذلك تخلت عن محاولة تقييد توسع إسرائيل في بناء المستوطنات، وعززت روابطها الدفاعية مع تل أبيب، واستخدمت حق الاعتراض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لرفض طلب السلطة الفلسطينية المتكرر بالاعتراف بدولتها.
ومن جهة أخرى، كان الواقعيون من بين المؤيدين القليلين داخل مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية لاتخاذ موقف متشدد من إسرائيل خاصة في صراعها مع الفلسطينيين. فعلى الرغم من أن معظم الواقعيين يوافقون على أن الولايات المتحدة يجب أن تساعد إسرائيل إذا ما كان بقاؤها مهددا، فإنهم كانوا رافضين لما رأوا أنه دعم غير مشروط من واشنطن لتل أبيب حتى بشأن قضايا تتعارض فيها مصالح الدولتين. وبدلا من ذلك، يعتقد الواقعيون أن على الولايات المتحدة أن تستغل وضعها لدى إسرائيل للضغط من أجل تبني الأخيرة لسياسات أكثر توافقا مع مصالح الولايات المتحدة أهمها الالتزام بحل الدولتين.
والخلاصة، بغض النظر عما نعتقده بشأن مزايا توجه الواقعية السياسية بشأن السياسة تجاه الشرق الأوسط، لا يستطيع أحد إنكار الشعبية التي كان من الممكن أن يحققوها بين الشعوب العربية التي تم تمكينها مؤخرا مقارنة بالسياسات الحالية للولايات المتحدة.
هجوم القوة الناعمة الذي شنته الإدارة الأميركية على العالم العربي، كان ليجد نجاحا إذا ما تبنى الرئيس سياسة شرق أوسطية أكثر واقعية.. فقد كان أحد أهم أوجه قصور جهود الإدارة في التواصل هو إخفاقها في الأخذ في الاعتبار ما يشعل غضب العرب تجاه أميركا في الأساس

زاكري كيك
باحث في مركز الأمن الأمريكي الجديد وسبق له العمل في برنامج الأمن القومي مع فريق جوزيف ناي لأبحاث الأمن القومي في أمريكا. يدرس العلوم السياسية والعلاقات الدولية ومتخصص في شؤون الأمن الحديثة وبخاصة الحد من مخاطر الانتشار النووي. وهو نائب رئيس تحرير "إنترناشيونال ريليشين" ومساعد رئيس تحرير "ذا ديبلومات". وتنشر مقالاته بالمواقع الإلكترونية لـ"فورين أفيرز" و"فورين بوليسي"، و"ذا أتلانتيك"، و"وورلد بولتيكس ريفيو" و"ذا ناشيونال إنتريست"، وغيرها من المنابر الإعلامية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://khenchelauniv.yoo7.com
 
المدرسة الواقعية و الربيع العربي.. المسار المنحني للتاريخ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الواقعية في تحليل النزاعات الدولية
» أزمة علم الاجتماع في العالم العربي
» موقع جامعة العربي التبسي تبسة
» موقع جامعة العربي بن المهيدي أم البواقي
» تفتيت الشرق الأوسط / تاريخ الاضطرابات التي يثيرها الغرب في العالم العربي .

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جامعة خنشلة :: كلية العلوم القانونية والادارية :: قسم العلوم السياسية-
انتقل الى: