الحضارة العربية ومظاهرها
1- مقدمة تاريخية: الحضارة العربية هي أم الحضارات الإنسانية كافة بلا منازع. فقد بدأت أول حضارة إنسانية عربية في بابل في سوريا والعراق، وإثر الزحف الفارسي الذي أتى من الشرق، هاجر قسم كبير من العلماء العرب من بابل إلى اليونان حيث كان اليونانيون، شأنهم كشأن كل أوروبة في ذلك العصر، يعيشون في الكهوف ويأكلون بعضهم البعض، فنشأت حضارة اليونان العريقة، وتطورت اليونان فجأة بشكل سريع جدا وغير متدرج ولم يفهم إلا إلى أن ربط بتشربهم وتلقنهم حضارة بابل العربية التي كانت قد قطعت أشواطا كبيرة في الارتقاء العلمي من العلماء العرب الذين نزحوا إثر الغزو، وكانت اليونان أرضا خصبة ومستقرة شكلت بيئة مناسبة لبروز إبداعات في مختلف المجالات العلمية والفلسفية.
المصدر
كتاب تاريخ سوريا الحضاري القديم تأليف الدكتور أحمد داود)
2- المظهر السياسي والإداري:
3- بناء الدولة ونظام الحكم عند العرب القدماء الملوك - الولاة - القادة عند العرب القدماء
تمهيد: تطور نظام الحمك عند العرب القدماء من أبسط أشكاله القائمة على زعامة شيخ القبيلة, فملك المدينة الذي كان يسعى ليصبح ملكاً على إقليم أوسع أو على الدولة. ومن كانت تسمه له الظروف بتحقيق طموحاته, بالتوسع خارج حدود بلاده يصبح زعيماً لدولة كبيرة أو إمبراطوراً, كما فعل صارغون الأكادي, وحمورابي البابلي وتحونمس الثالث المصري... وكان يساعد الملك في إدارة شؤون البلاد عدد من أقاربه وأنصاره المؤتمنين. ويستعين بقيادة الفرق الغسكرية، ورسم الخطط الحربية بعدد من القواد.
وأهم عناصر الحكم في الدولة:
1-الملك: عرف منصب الملك منذ قيان حكومات المدن, إذ كان على رأس كل حكومة ملك يجمع في شخصه جميع السلطات, ويساعده مجلس من وجهاء المدينة, وقد عرف هذا النظام في ممالك كنعاني الساحل وقرطاجه الفينيقية, وعرف كذلك لدى مخاليف اليمن. أما في مصر فبعد قيام الدولة الموحدة ازدادت سلطات الملك الذي كان يعد إلهاً أو ابناً للإله ترفع إليه الصلوات لتحفظه وترعاه, وفي بلاد الرافدين كان الملك نائباً عن الإله الذي يختاره لتنفيذ تعاليمه على الأرض, وعندما يقوم أحد القادة بانقلاب على الملك يبرر ذلك بأن الإله قد إختاره لهذه المهمة لأن الملك السابققد خالف تعاليمه.
نظام الوراثة: في كل الممالك العربية القديمة اعتمد على انتقال المُلك من الأب إلى الأبن. كما لم تحرم النساء من حق الإرث وقد وصل بعضهن إلى الحكم كحتشبسوت المصرية وسمورامات (سميرآميس) الآشورية وزنوبيا التدمرية, أما في اليمن, فقد إختلف نظام الوراثة بعض الشيء, إذ يمكن أن ينتقل الملك إلى أكثر الأشراف نفوذاً أو أول ولد من الأشراف يولد زمن الملك الحاكم. وكان اغتصاب السلطة بانقلاب من قبل الأقوياء ظاهرة معروفة في التاريخ قديماً وهذا ما يفسر تعدد الأسر الحاكمة في كل من مصر وبلاد الرافدين.
2- الولاة وحكام الأقاليم: اتبع في إدارة أقاليم الدولة شكل مصغر للإدارة في العاصمة. على رأس كل ولاية حاكم يساعده عدد من الموظفين والكتبة للقيام بحفظ النظام وتحقيق العدل. وحمع الأموال للدولة والرجال أثناء الحرب, والعناية بالخدمات العامة وشؤون العمران وغالباً ما يختار الملك حكام الأقاليم من العائلة المالكة أو من العناصر الجديدة الموالية له, أو من طبقة الكهان كما كانت الحال في مصر أو من الأغنياء والتجار كما في بلاد الشام واليمن أو الإدارة المركزية كما كان الأمر في محافد اليمن ,أو أن يترك للمدن تشكيل مجالس من وجهائها كما في بعض مدن جنوب بلاد الرافدين أو يفرض حكام الأقاليم العسركيون أو رجال الدين سلطتهم على أقاليمهم. كما كان يحدث في فترات الضعف في مصر وغيرها من الدول العربية القديمة واستطاع بعضهم الوصول إلى الحكم.
3-القادة: كان الملك القائد الأعلى للجيش, يقوده بنفسه لقهر الأعداء هذا بالإضافة اعتماد الملك كلياً على ولي عهده ويلقب بقائد (الجند العظيم) وبقية أبنائه وأقاربه في قيادة بعض الفرق العسكرية سواء للدفاع عن الدولة أو الفتوحات, وفي أكثر الأحيان ينيب عنه أكبر موظفي البلاط كما كانت الحال في آشور (ويطلق عليه اسم التورتان) وكان يساعده قادة آخرون للمشاة والفرسان والعربات الحربية والأاسطول في الدول المطلة على البحر.
وفي مصر كان الجيش وقادته من المصريين حتى بداية الدولة الحديثة ثم كثر المرتزقة من الأجانب حتى أصبح حرس الملك ورئيسه منهم وتمكن أحدهم من استغلال مهمته والاستيلاء على السلطة وتأسيس أسرة حاكمة.
ب- رؤساء القبائل والمجالس الاستشارية عند البدو قبل الإسلام
1- النظام القبلي وشيخ القبيلة: كان النظام القبلي بالأصل على الاعتقاد بوجود قرابة وراثية بين أبناء القبيلة الواحدة، إذ إنهم ينحدرون من جد واحد, هذا بالنسبة إلى نظام الأبوة أما نظام الأمومة فإن جميع المنتسبين إلى أم واحدة يعدون أنفسهم قبيلة واحدة, ولا يزال مثل هذا النظام موجوداً في بعض مناطق إفريقيا وآسيا, وبينما ساد النظام الأبوي بقية أنحاء العالم, والنظام القبلي ملازم لمرحة البداوة والزراعة, بينما تضعف روابطه في المنطاق الصناعة, والقبيلة تنقسم إلى أقسام اصغر منها كالأفخاذ والأسر ويرأس القبيلة, رجل يتميز عن أبناء قبيلته ببعض الصفات كالغنى والشجاعة وكثرة الأهل والولد وعراقة الأصل ورجاحة العقل... إلخ.
2- إختار شيخ القبيلة ومهامه: يتم اختيار شيخ القبيلة من قبل كبار أفراد القبيلة, وذلك عن شعور هذا المنصب, فيتداعى كبار رجال القبيلة مكانة إلى الاجتماع للتشاور فيمن يخلف الرئيس الراحل, وما ان يجمع هؤلاء على شخص معين حتى يقسموا له يمين الولاء ويبايعوه, ثم يأتي الآخرون من أبناء القبيلة لتهنئته ومبايعته, ثم ينصرف الرئيس الجديد إلى ممارسة مهامه التي تتعلق بالدرجة الأولى بمصالح أفراد قبيلته والدفاع عن حقوقها.
3- المجالس الاستشارية: إن فكرة الشورى وجدت عند العرب قبل الإسلام من خلال مجالسهم هذه, ولك يكن للقابلية قانون مكتوب تسير عليه القبيلة جيلاً بعد جيل حتى أصبحت هي القانون ذاته وليست لدار الندوة في مكة قبل الإسلام إلا شكلاً من أشكال المجالس الاستشارية حيث, يلتقي كبار القوم للتداول في شؤونهم العامة, واتخاذ القرارات والحلول بشأنها. أما الإجنماع العام ويسمى بنادي القوم فقد كان يعقد دائماً في فناء الكعبة حيث يبلغ الجميع ما تم إتخاذه من قرارات في اجتماع دار الندوة (وفي بداية الدعوة الإسلامية وعندما أراد "الملأ" من قريش في دار الندوة مقاطعة بني هاشم كتيوا وثيقة حددت شكل المقاطعة ووقعوا عليها كي لا يتنصل منها أحد وأودعوها الكعبة.....
كان رئيس القبيلة يستعين بعدد من رجاله في إدارة أمور القبيلة البدوية, أما في الحواضر فإن المجالس الاستشارية كانت تقوم بدور هام إذ أنها تتألف من علية القوم يوزعون المهام فيما بينهم, مثل ما كان ممعمولا به في مكة قبل الإسلام.
4-الدولة المدينة لمكة أو تنظيمات قصي بن كلاب لها: انتقلت ولاية البيت العتيق (الكعبة) إلى قصي وأولاده من بعده, عندما تزوج ابنة خليل بن حبشية سيد قبيلة خزاعة التي سكنت مكة بعد قبيلة جرهم التي تزوج منها إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام.
وقد قام قصي بعدة تنظيمات في مكة بعد أن جمع قبيلته قريشاً وأسكنها منطقة الحرم, وأصبح سيدها وشريفه, وأهم هذه التنظيمات:
آ- الحجابة:وهي سدانة الكعبة وخدمتها فلا يفتح بابها غيره.
ب- السقاية: وهي تأمين الماء المحلى للحجيج حيث إن الماء نادر في مكة.
جـ-الرفادة: أي إطعام الحجيج أيام الحج.
د-دار الندوة: حيث يجتمع مجلس شورى قريش.
هـ- اللواء والقيادة: وهو راية الحرب حيث تعطى إلى من تسند إليه القيادة.
كما نظم السكن في مكة فوزعها أرباعاً وأنزل كل رهط منهم في منزله, ومما ساعد على تدعيم مكانة قريش بين القبائل عقد حلق الفضول حيث تعهد فيه أشراف قريش حماية الضعيف وإنصاف المظلوم وحماية المرأة واليتيم, وهو الحلف الذي ذكره الرسول الكريم قائلاً ((حضرت حلفاً في دار عبد الله بن جدعان لو دعيت إليه في الإسلام لما أحجمت)). ويعتبر العرب بدعوتهم لحلف الفضول أول من دافع عن حقوق الإنسان.
م.ن.ق.و.ل
بالتوفيق