1 ركن المحل:
تعريف المحل
محل العقد لم يتضمن القانون المدني الجزائري تعريفا محدد لمحل الالتزام ، حيث أن محل الالتزام هو الذي ينشئه محل العقد الذي هو العملية القانونية التي تراضى الطرفان على تحقيقها ( كالبيع ، الإيجار ، التأمين ) ، أما محل الالتزام فهو ما يتعهد به المدين في مواجهة الدائن و هذا الأداء قد يكون نقل حق عيني لصالح الدائن ، و قد يكون قيام بعمل معين أو الامتناع عن عمل بنقل حق عيني لصالح الدائن ، وقد يكون قيام بعمل معين أو الامتناع عن عمل ومثال الالتزام بإعطاء نقل أو إنشاء حق عيني ، كالتزام البائع بنقل حق عيني كحق الرهن أو حق الارتفاق .
- مثال الالتزام بعمل كالتزام ممثل بالقيام بتمثيل دور معين في تمثيلية معينة ، و التزام مهندس معماري بعمل تصميمات هندسية لمستشفى و مثال الالتزام بامتناع عن العمل التزم ممثل بعدم التمثيل في فرقة أخرى و التزام تاجر بعدم مناقشة تاجر آخر ، و التزام من يشتري قطعة أرض بعدم بناءه مصنع عليها .
شروط المحل
و يلزم في محل الالتزام توافر شروط معينة تضمنها المواد 92 ، 96 من القانون المدني الجزائري و هذه الشروط هي :
• أن يكون محل الالتزام ممكنا غير مستحيل م 93 .
• أن يكون معينا أو قابلا للتعيين . م 94 .
• أن يكون الحل مشروعا ، أي غير مخالف للنظام للنظام العام و الآداب م 96.
1- أن يكون محل الالتزام ممكنا غير مستحيل : و يعني أن يكون محل الالتزام موجودا أن يكون شيء الذي يرد عليه الحق أو يتعلق به العمل موجودا وقت إبرام العقد ، يترتب على ذلك بطلان العقد بطلانا في خالة ما يتعاقد الطرفان على اعتبار أن هذا الشيء موجود وقت العقد ، و يتبين أنه ملك قبل التعاقد ، كما في بيع منزل تبين أنه هلك قبل العقد بفعل صاعقة ، لكن إذا هلك الشيء محل الالتزام بعد نشوء الالتزام ، فإن الالتزام ينشأ صحيحا و ينعقد العقد ، و إنما نكون في هذه الحالة بصدد استحالة تنفيذ الالتزام ، بالتالي إذا كانت الاستحالة هذه ليست راجعة لعمل المدين هو إنما لقوة قاهرة ، فإن العقد ينفسخ من تلقاء نفسه ، أما إذا كانت راجعة إلى فعل المدين ، فإن الالتزام لا ينقضي و يلتزم بالتالي المدين بالتعويض .
و يدخل ضمنه هذا الشرط إمكان وجود الالتزام ، أي لا يكون محل الالتزام مستحيلا م 93 ق.م.ج و الاستحالة قد تكون مطلقة حيث يعجز كل الناس على القيام بمحل الالتزام كأن يتعهد محام برفع استئناف عن حكم و اتضح أن ميعاد الاستئناف قد انقضى ، و قد تكون الاستحالة نسبية ، أي بالنظر إلى شخص المدين ، كأن يتعهد أحد الأشخاص برسم لوحة فنية و هو يجهل الرسم .
كما يجوز أن يكون محل الالتزام مستقبلا و هذا ما جاء في نص م 92 ق.م.ج " يجوز أن يكون محل الالتزام مستقبلا و محققا " إذا أصبح بالإمكان بيع المحصولات المستقبلية قبل أن تنضج ، سواء بثمن جزافا أو بسعر الوحدة ، و كذلك في حالة ما يشترط شخص دار من شخص آخر لم يبدأ البناء فيها بعد ، فالدار هنا أمر مستقبل حيث يشترط القانون في جواز التعامل بالأشياء المستقبلية أن تكون محققة الوجود ،و إلا اعتبر العقد باطلا بطلانا مطلقا .
- و على الرغم من هذا إلا أن القانون المدني الجزائري ، استثنى من قاعدة جواز التعامل بالأموال المستقبلية التعامل في تركة إنسان حي حتى و لو برضاه إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون ، وهذا ما يتضح في نص المادة 92/02 " غير أن التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة باطل و لو كان برضاه إلا في الاحوال المنصوص عليها في القانون " لأن ذلك يعتبر مخالف للأداب العامة .
2- أن يكون المحل معينا أو قابلا للتعيين : لابد من توافر هذا الشرط أيا كانت صورته أو ما تفرضه طبيعة الاشياء ، فإذا ورد الالتزام على شيء معين بالذات يجب ان تحدد ذاتية الشيء على وجه يميزها عن غيرها و يمنع الإخلاط بغيرهما فإذا كانت أغراضا مثلا يعين موقعها و تاريخ صنعها و لونها ، أما إذا ورد الالتزام على شيء معين بنوعه و صنفه و مقداره ، كأن يذكر مثلا أنه حبوب ، نوعه قمح ، مقداره 70 قنطارا . و إلا اعتبر العقد باطلا بطلانا مطلقا . و هذا طبقا لنص المادة 94/ 01 ق.م.ج .
- و إذا كان الشيء محل الالتزام نقودا يجب تعيين مقداره ، يلتزم المدين بقدر عددها المذكور في العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو انخفاضها وقت الوفاء أي أثر وفقا لنص المادة 95 ق.م.ج .
أما إذا كان محل الالتزام عملا أو امتناعا عن عمل فيجب أن يكون هذا العمل الامتناع معينا ، أو قابلا للتعيين ، فإذا تعهد مقاول ببناء منزل ، فلابد تحديد أوصافه على الأقل ، أو أن يكون قابلا للتعيين من ملابسات على الأقل ، أو أن يكون قابلا للتعيين من ملابسات التعاقد مثل إذا كان المحل بناء مدرسة أو مستشفى أو مصنع أو ما إلى ذلك .
3- أن يكون مشروعا : تنص المادة 96 ق.م.ج على أنه " إذا كان محل الالتزام مخالفا للنظام العام ، و الآداب كان العقد باطلا " و يتضح من هذا النص يلزم توافر شرط المشروعية في محل الالتزام ، بمعنى أن يكون سائغا قانونيا فإذا كان المحل غير مشروع لا يقوم الالتزام و بطل العقد لانتفاء محله .
النظام العام و الآداب : و مناط مشروعية محل الالتزام مشروعيتهم ، هو مخالفته للنظام العام و حسن الآداب .
و أساس النظام العام ، المصلحة العامة ، التي تتضمن المصلحة الاجتماعية و السياسية و السياسية و الأدبية و الاقتصادية .
و أساس حسن الآداب هو الرأي العام ، و ما يتأثر به منه مثل العليا ، و مبادئ أخلاقية و اجتماعية مبنية على الدين و العرف و التقاليد .
* و من المعروف أن النظام العام و حسن الآداب هما من الأفكار المبنية و المتطورة و تختلف من مجتمع إلى آخر في نفس المجتمع ، فهما يتأثران بالظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الخلقية ، ومن أبرز الأمثلة على ذلك عقد التأمين على الحياة ، فقد اعتبر في أول ظهوره مخالفا للنظام العام و الآداب ، و في العصر الحديث نجده أكثر شيوعا و الاسترقاق الذي أصبح مخالفا للآداب . و زواج المتعة الذي تجيزه المذاهب الشيعية و عدم جوازه في المذاهب السنية .
أما عن تطبيقات فكرة النظام العام ، فهي متناثرة هنا و هناك. جميع العلاقات التي ينظمها القانون العام . جميع العلاقات التي ترتبط معها الإنسان مع مجتمعه و مع الأفراد و في نطاق القانون العام. جميع العلاقات التي ينظمها القانون العام تتعلق بالنظام العام و بالتالي لا يجوز مخالفتها ، فبالنسبة لما يقرره القانون الدستوري من قواعد دستورية و حريات عامة تتعلق بالنظام العام ، كحق الترشح و العمل و حرية التجارة و بالنسبة للقانون الإداري فتعتبر كل قواعده المنظمة للوظيفة و تنظيم المرافق العامة و غير ذلك من المسائل التي ينظمها هذا القانون من النظام العام ، و بالتالي كل اتفاق يخالف أحكام القانون الدستوري و الإداري يعتبر باطلا بطلانا مطلقا لمخالفته للنظام العام . و كذلك القوانين المتعلقة بالضرائب أو تنظيم النقد أو تحديد سعر العملة ، وكذلك أحكام القانون الجنائي ، يضاف إلى ذلك النظام القضائي من حيث تحديد الاختصاص النوعي للمحاكم و طرق الطعن في الحكم إلى غير ذلك من الإجراءات .
- أما في نطاق روابط لا القانون الخاص ، فنجد أن غالبيتها تتلق بفكرة النظام العام و من ثم لا يجوز الاتفاق بما يخالفها ، فالحالة الشخصية للإنسان من حيث الحالة المدنية له : اسمه و جنسيته و من حيث أهليته ، و علاقته بأسرته كلها تتعلق بالنظام العام ، فلا يجوز الاتفاق على تعديل الجنسية أو التنازل عنها و كذلك الاسم أو أحكام الأهلية و أحكام الأسرة فكل اتفاق يخالف ذلك يعتبر باطلا بطلانا مطلقا .
أما تطبيقات الآداب العامة فهي كثيرة من أمثلتها : العلاقات الجنسية غير المشروعة فكل اتفاق على مواصلة علاقة أو إقامة علاقة جنسية غير مشروعة يعتبر باطلا بطلانا مطلقا كذلك فيما يتعلق ببيوت الدعارة ، فكل الاتفاقات المتعلقة بالبيوت تعتبر باطلة لمخالفتها للآداب العامة ، وكذلك المقامرة. و يستثنى منه الرهان الرياضي و السباق و ما شابه ذلك .