دور الخطاب الإعلامي و السياسي الغربي في خلق مناخ إسلاموفوبي
الأستاذة: زريـق نفيسـة
- جامعـة ﭭـالمة -
مقدمـــة: عرف مصطلح الإسلاموفوبيا انتشارا واسعا في العشرية الأخيرة، وهو مفهوم مركب من كلمتين: الإسلام وكلمة إغريقية الأصل "فوبيا" التي تستخدم عادة في ميداني التحليل النفسي والأمراض العقلية، وتعني حالة من الخوف المُبالغ فيه وغير المنطقي لظاهرة ما.
وإذا قبلنا أننا لا نتحكّم في المصطلحات وأن علينا استعمالها بالمعنى الذي يقرّه القاموس، فيجب أن نبحث في ظاهرة "وجود خوف شديد وغير منطقي ونوبات فزع من الإسلام والمسلمين".
ترتبط هذه الظاهرة - والتي تعني أيضا تفاقم العداء للإسلام والمسلمين- بتنامي المشاعر السلبية تجاه الإسلام والمسلمين ومقدساتهم في المجتمعات الغربية، ما شكل أساسا لانطلاق سلوكيات غربية مجحفة بحق الأطراف المسلمة.
أن هذا تنامي المطرد للظاهرة لم يكن ليعرف هذا الانتشار الواسع، لو لم يجد دعمه في الدور الذي لعبته وسائل الإعلام في الغرب، من خلال بث أو نشر كل ما قد يُحرض أو يسيء للإسلام والمسلمين من جهة، إلى جانب التدابير والإجراءات التي اتخذتها السلطات السياسية وتمس بالمسلمين وعقيدتهم من جهة أخرى .
لقد جاءت هذه المداخلة لتبحث عن الدور المزدوج، الذي لعبه الخطاب الإعلامي والسياسي الغربي في تأجيج ظاهرة الإسلاموفوبيا وتكريس العداء للإسلام والمسلمين، وهو ما يقود إلى طرح الإشكالية التالية:
إلى أي مدى ساهم الخطاب الإعلامي والسياسي الغربي في خلق وتأجيج مناخ إسلاموفوبي؟
وتحت هذا الإشكال يمكن إدراج العديد من التساؤلات:
- كيف ساهمت وسائل الإعلام في الغرب في تنامي الظاهرة ؟
- هل لعبت الإجراءات التي اتخذتها السلطات في الغرب دورا في تكريس العداء للمسلمين وعقيدتهم؟
- إذا سلمنا بحقيقة واقعة وهي أن الإسلام كدين يتعرض لهجمة شرسة ولا بد من الوقوف في وجهها، فما هو الدور الذي من المفروض أن يلعبه العالم الإسلامي في التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا؟
أولا: التعريف بالظاهرة.
تعرف ظاهرة الإسلاموفوبيا – أو الخوف من الإسلام الذي يؤدي إلى تكريس العداء- نموا مضطردا في كثير من المجتمعات الغربية بما فيها الأوروبية والأمريكية. وهي مجتمعات لم تكن معروفة بحساسيتها المفرطة اتجاه اختلاف لباس وسلوك المهاجرين عموما، وأصبحت الظاهرة من أبرز المسائل والقضايا التي تشغل مساحات واسعة من الاهتمام الغربي.
بل أكثر من ذلك تطورت ظاهرة العداء للإسلام منذ السنوات العشر الأخيرة، حيث تحولت من كتابات وتصريحات إعلامية يطلقها بعض خبراء الإرهاب المتشددين قبل تاريخ 11 سبتمبر، إلى قضية سياسية متداولة في الحملات الانتخابية، ثم إلى حركة سياسية جماهيرية.
إن تصاعد هذه الحركة اتجاه وجود المسلمين في الدول الغربية (أوروبا وأمريكا) يرجعه الكثير من المتتبعين إلى ربط المسألة بالموجة الإرهابية الكبيرة التي قادتها القاعدة وأخذت أبعادا تمييزية، دفعت الغرب للتصدي بالقوة للقادمين والمقيمين على حد السواء .
والإسلاموفوبيا هو مصطلح مكون من كلمتين: الإسلام وكلمة إغريقية الأصل تستخدم عادة في ميداني التحليل النفسي وطب الأمراض العقلية، وتعني بالضبط "حالة من الخوف المبالغ فيه وغير المنطقي أمام ظاهرة مّا تعتري شخصا معينا نتيجة خلل في شخصيته، تؤدي به إلى نوبات من الفزع الشديد، وقلق متواصل وتوجس من رجوعها ومحاولة لتفادي كل ما يؤدي إ ليها" ( ).
ولقد وضع مجلس أوربا قبل عامين، في تقرير أصدره عن "الإسلاموفوبيا وتأثيرها على الشبيبة" (2005) تعريفا أوليا للكلمة مفاده أن: "الإسلاموفوبيا، هي التخوف أو الأحكام المسبقة تجاه الإسلام والمسلمين وما يتعلق بهم، سواء تم التعبير عنه بالأشكال اليومية للعنصرية والتمييز أو في أشكاله الأكثر عنفا"( ).
ويعود لمنظمةThe Runnymede Trust غير الحكومية، الفضل في أول محاولة تعريف جدية للإسلاموفوبيا عام 1997، حيث حددت للتعريف المعايير الثمانية التالية( ):
1- اعتبار الإسلام جسما أحاديا جامدا قلما يتأثر بالتغيير،
2- اعتبار الإسلام متميز و "آخر" ليس له قيما مشتركة مع الثقافات الأخرى وهو لا يتأثر أو يؤثر بها.
3- اعتبار الإسلام دونيا بالنسبة للغرب. بربري وغير عقلاني، بدائي وجنسي النزعة.
4- اعتبار الإسلام عنيفا وعدوانيا ومصدر خطر، مفطور على الإرهاب والصدام بين الحضارات.
5- اعتبار الإسلام إيديولوجية سياسية لتحقيق مصالح سياسية وعسكرية.
6- الرفض التام لأي نقد يقدم من طرف إسلامي للغرب.
7- استعمال العداء تجاه الإسلام لتبرير ممارسات تمييزية تجاه المسلمين وإبعاد المسلمين عن المجتمع المهيمن.
8- اعتبار العداء تجاه المسلمين عادي وطبيعي.
وتتجلى هذه الظاهرة أي ظاهرة العداء للإسلام، في تلك التصرفات السلبية اتجاه المسلمين ومعتقداتهم ورموزهم الدينية. وتنعكس في الكثير من المسائل مثل منع ارتداء المسلمات الحجاب والنقاب في المدارس والمؤسسات الرسمية (فرنسا2004)، الرسومات المسيئة لنبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم (الدانمارك، هولندا2006). وكذا موجة الاحتجاجات الواسعة التي عرفتها الكثير من الدول الغربية لمنع بناء المساجد (نيويورك والنمسا)، وتصل إلى حد الاعتداء الجسدي والاعتداء على أماكن العبادة والممتلكات والقبور.
وفي هذا الصدد رصدت منظمة التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا « Collectif contre l’islamophobie en France” في تقرير لها أحصى حوالي 182 فعل إسلاموفوبي يغطي سنة كاملة (2003/2004)، تتراوح بين أفعال موجهة ضد الأفراد (شتائم، عنصرية، التهديد بالقتل، اعتداءات مسلحة) بنسبة 118 حالة، وأفعال أخرى حوالي 64 فعل استهدفت مؤسسات (اعتداء على مساجد ومقابر إسلامية، إلغاء مجموعة من الندوات حلو الإسلام لدواعي مختلفة، توقيف مجموعة من الأئمة) ( ).
وعلى الرغم من صعوبة إحصاء كل الحالات أو الأفعال خاصة تلك الموجهة ضد الأفراد إلا أنه يمكن الوقوف ـ حسب التقريرـ على استنتاجين اثنين حول الظاهرة:
الأول: يؤكد على أن نسبة 76 في المائة من حالات الاعتداء على الأشخاص كانت ضد النساء المحجبات (آخرها مقتل المصرية مروى الشربيني من طرف شخص ألماني الجذور ومعروف بمواقفه العنصرية) بما يعطي الانطباع أن الطرف المستهدف هو الحجاب كرمز ديني إسلامي.
والثاني: يُحمل الدولة الغربية ما يقارب نسبة60 في المائة من هذه الأفعال، ويضع مسؤوليها على رأس قائمة مصادر الاسلاموفوبيا.
ثانيا. في تداعيات الظاهرة:إن تصاعد الخوف من الإسلام في الغرب، ما نتج عنه تصاعد الحساسية اتجاه المسلمين وإصرار المجتمعات الغربية على رفض خصوصياتهم وتمايزاتهم بالتحديد، يمكن إرجاعه إلى العديد من الاعتبارات:
1/ الخلط بين مفهوم الإسلام والإرهاب:
لا تعد الانطباعات السلبية عن الدين الإسلامي شيئا جديدا داخل الغرب - كما أنها تعود إلى العصور الوسطى وليس إلى 11 سبتمبر 2001. وقد كشف عن ذلك بصورة واضحة في نهاية القرن العشرين من خلال أزمات مثل الثورة الإيرانية في1989 وقضية سلمان رشدي، التي أوحت بأن الإسلام يهدد المصالح الأمنية الغربية وقيما أساسية - مثل حرية التعبير( ).
إلا أنها ترسخت أكثر بعد الأحداث التي شهدتها الدول الغربية نفسها ابتداء من هجمات 11 سبتمبر 2001، وما تلتها من هجمات متكررة على دول أوروبية (فرنسا وبريطانيا). إلى جانب اختطاف الرعايا الغربيين واختطاف الطائرات. وموجة الطرود المشبوهة مؤخرا، التي كانت وجهتها العديد من الدول الغربية ومصدرها دولا إسلامية مثل اليمن.
هذه الأحداث كانت تنفذ باسم الإسلام ما أوحى للغرب الأوروبي والأمريكي بارتباط هذا الدين بالإرهاب والعنف، وتسرب وصف الجهاد -الذي تفاوتت استخداماته وكان موضع الأجندة الغربية- بالعنف والإرهاب( ).
2/ أن عداء الغرب للإسلام والمسلمين يجد ما يبرره في مقالات ودراسات أكاديميين غربيين أنفسهم سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية، ما ساهم في تعزيز فكرة الخوف من الإسلام:
شكلت عبارة الإسلام والغرب العنوان الرئيسي والقاسم المشترك للعديد من المؤلفات والندوات والنقاشات، التي تناولت العلاقة بين الإسلام والغرب وحركات الإسلام السياسي بالدراسة والتحليل. و لقد طرحت هذه الدراسات الكثير من النظريات الخاطئة عن تصادم الحضارات وعن تهديد الإسلام للهوية القومية الغربية، و إطلاق تكهنات تتحدث عن سيطرة المسلمين في العديد من المجالات و إمكانية لعبهم لدور مؤثر في صناعة القرار السياسي الغربي (بالتحديد في الولايات المتحدة الأمريكية مع بداية ق 21)، وتقديمهم لشخصية مسلمة للرئاسة الأمريكية، وهي كلها تكهنات تحريضية ضد التواجد الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية وتجدر الإشارة هنا إلى:
مؤلف صامويل هنتجتون عن صدام الحضارات، الذي ورد فيه العديد من الأفكار تجعل من الإسلام أول الحضارات المرشحة للصدام مع الغرب. وحسبه أن يدور الصراع على طول حد الهوة الفاصلة بين الحضارتين الغربية والإسلامية. فالغرب في ذروة قوته يواجه غير الغرب) (، وعليه أن يتخذ كل الإجراءات الكفيلة بحماية الغرب (The west) ضد كل هؤلاء (The rest) ويقصد بهم الإسلام والمسلمين.
كتاب جراهم فيلر وإيان لاسر الإحساس بالحضارة جيوبوليتكية الإسلام والغرب، وكتاب برنادرلويس جذور الغضب الإسلامي، الذي يقر فيه بأن الحرب بين الإسلام والغرب ستستمر لأن دوافعها التنافر الحضاري، وأن الإسلام في نظره لا يمكن أن يكون إلا ضد الحداثة الغربية بأعمدتها الثلاثة العلمانية الديمقراطية والرأسمالية الغربية.
مقال لرناردلويس، لماذا يكرهوننا، كتاب Elie kedure الديمقراطية والثقافة السياسية العربية، والذي يرى صاحبه أن الإسلام يتعارض مع القيم السياسية الديمقراطية ( ).
بالإضافة إلى الأدبيات التي تتحدث عن نظرية المؤامرة (مؤامرة إسلامية موجهة للغرب) وأن الغرب في حالة حرب مع الإسلام وعليه أن يدرس قانون الحرب عند هذا العدو، ومنها دراسة Troy.Sthomes عن أسرى الحرب في الإسلام. وتلك الصادرة في نوفمبر/ ديسمبر 1998 لرنارد لويس بعنوان التصريح بالقتل: إعلان أسامة بن لادن للجهاد، والتي يعلن من خلالها صاحبها أن الغرب له الحق في أن يدافع عن نفسه بكل الوسائل ضد تهديدات بن لادن( ).
وغيرها من الكتابات الغربية التي تتناول العلاقة بين الإسلام والغرب وغالبا ما تحمل شحنة مثيرة أو ذات طابع تحذيري من الخطر الإسلامي القادم نحو الغرب، وتؤكد جميعها أن العداء للإسلام والمسلمين يجد مبرره في مقالات ودراسات الأكاديميين أنفسهم.
3/ النمو الكبير للإسلام كدين داخل أوروبا وأمريكا:
حيث يمثل الإسلام كدين ثالث إن لم يكن ثاني أكبر الديانات، وتتزايد نسبة المسلمين في دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما صعد من المخاوف والهواجس لدى البعض، وأعاد التساؤل عن مدى ولاء مسلمو أوروبا وأمريكا كمواطنين، ومدى إمكانية نقلهم للعنف الأصولي إلى قلب أوروبا وأمريكا( ).
معنى ذلك أنه إذا كان الإسلام في نظر بعض الأدبيات والدراسات الغربية يشكل تهديدا حقيقيا للغرب وليبراليته وعلمانيته، فإنه بالضرورة سوف يُنظر إلى المسلمين الذين يعيشون هناك بقدر كبير من الريبة والخوف والشك، خاصة مع تصاعد الهجرة من شمال إفريقيا إلى الشاطئ الآخر الأوروبي.
ومن ثم ظهر اتجاه في أوروبا يثير الخوف من الإسلام والمسلمين، وعمل على تصعيد و توسيع هجومه ضد النمو الكبير للإسلام، وهو ما كان له تأثير كبير على الإدراك الغربي لنوع التهديد الذي يمثله الإسلام، وجعل الغرب يخشى الإسلام ومن ثم وصفه بالبديل الثقافي لفلسفته المادية، والخطر المهدد للهوية الغربية( ).
ذلك أنه وحسب صامويل هنتجتون فإن المصدر الأساسي للصراع في العالم الجديد، لن يكون ايديولوجيا أو اقتصاديا(...)، بل سيكون ثقافيا ما يعني أن الصراعات الأساسية ستقع بين دول وجماعات صاحبة حضارات مختلفة . ويرى بذلك في الإسلام أول المرشحين للصراع مع الحضارة الغربية.
وحسب جوديث ميلر فإن التهديد الذي يمثله الإسلام كدين للغرب هو تهديد ثلاثي الأبعاد سياسي وديمغرافي واجتماعي/ ديني، وهو يركز على البعدين السياسي والديمغرافي. بمعنى أن تزايد عدد المسلمين في الغرب من خلال تكاثرهم سوف يجعلهم يسيطرون سياسيا حتى على مراكز صنع القرار. ومن المقولات السائدة والتي تلخص هذا التخوف نجد، مقولة أن المسلمين احتلوا فرنسا، و اجتاحوا هولندا وهم يريدون في النهاية احتلال أوروبا( ).
ثالثا: قراءات في أسباب صعود ظاهرة الإسلاموفوبيا:
تعددت القراءات التي اهتمت بالبحث عن الأسباب التي كانت دافعا أمام تصاعد العداء غير المسبوق للإسلام والمسلمين ورموزهم ومعتقداتهم. وعموما سنركز على ثلاث دراسات أكد عليها الكثير من المتتبعون للظاهرة، وتناولها كل واحد من زاوية رؤيته الخاصة وهي:
قراءة ثقافية: مردها أن صعود الظاهرة أي ظاهرة العداء للإسلام، هي انعكاس لمشاعر سلبية عميقة مدفونة في وعي المواطن الغربي ضد الإسلام والمسلمين، وتعبر عن تحيز تاريخي وثقافي ضد الإسلام والمسلمين وحضارتهم، بدليل واجهات كاتدرائيات العصور الوسطى المرصعة بتماثيل جلها مخصص للدعاية الكنسية، وتحفل بتماثيل تذم الإسلام منها تمثال شبه قار لشيطان يصور في أفضع الصور واسمه Baphomet( )
وهذه المشاعر الدفينة، أحيتها تلك الكتابات المشار إليها سابقا، والتي تُؤثر بشكل كبير على الإدراك الغربي للإسلام والمسلمين.
قراءة ثانية: ترى أن الظاهرة هي نتاج لبعض الأحداث الدولية التي أثرت بقوة على العلاقات بين العالمين الإسلامي والغربي خلال السنوات الأخيرة( ). وهي أحداث ارتكبت باسم الإسلام وحمل مرتكبوها شعارات إسلامية على رأسها هجمات 11/09/2001، وما تبعها من هجمات إرهابية ضربت مجتمعات مثل أسبانيا وبريطانيا، ما أدى إلى ردود فعل سلبية كان ضحيتها المسلمون المتواجدون في الدول الغربية، مثل قرارات منع الحجاب، وإخضاع المسلمين لرقابات أمنية صارمة. وغيرها من الإجراءات التي تمس بحريات الأفراد وحقوقهم الأساسية، التي تتغنى بها معظم الدول العربية.
قراءة ثالثة: سيكون تركيز هذه المداخلة عليها، بمعنى أنه رغم أهمية القراءتين الأولى والثانية في تفسير ذلك العداء والمشاعر السلبية ضد المسلمين ودينهم ورموزهم، إلا أن هذه القراءة يمكن أن يكون لها التفسير القوي لتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا، لأنها تربط بين ما هو سياسي واقتصادي واجتماعي في تفسيرها للظاهرة.
تنطلق القراءة في تفسيرها لأسباب تصاعد ظاهرة الخوف والعداء للإسلام من أنها انعكاس لبعض التغيرات المجتمعية التي لحقت بالمجتمعات الغربية خلال العقود الأخيرة، ويمكن حصر أهم هذه التغيرات في:
- الأزمة الاقتصادية التي عرفتها معظم الدول الغربية/ الأوربية.
- صعود قوى اليمين الثقافي والديني في الغرب الأكثر تطرفا وتراجع قوى اليسار المعتدل.
- الهاجس لدى الغرب في البحث عن عدو جديد بعد سقوط الاتحاد السوفياتي سابقا، وفشله كنموذج اقتصادي وسياسي.
وسنحاول تحليل هذه المتغيرات كل على حدا، وإبراز العلاقة التي يمكن أن تربطها مع بعض، وتشكل خلفية قوية لتنامي مشاعر العداء للإسلام والمسلمين والتعدي على مقدساتهم والريبة منهم.
أولا: الأزمة الاقتصادية:
لقد شكلت المشكلة الاقتصادية التي مرت بها دول أوروبية كثيرة في الفترة الأخيرة، دافعا قويا نحو جعل المهاجرين عموما والمسلمين على وجه الخصوص محط أنظار الجماعات الأوروبية المتطرفة. حيث يركز الخطاب السياسي لليمين المتطرف على تحميل العمالة الأجنبية خصوصا الآسيوية والمسلمة الحمل كاملا، والسبب الرئيسي في الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد. وتعتبر وجودهم تهديدا للاعتبارات الاقتصادية للمواطن الغربي( ).
فوجود هذه النسبة العالية من اليد العاملة من المهاجرين – حسبهم- هي السبب الأول في مشكلة البطالة التي تعاني منها اليد العاملة الأوروبية، مع أن المسؤولية الكبيرة في ذلك تتحملها أثار العولمة وفتح الحدود والتقدم التكنولوجي. لكن تُفضل هاته الجماعات توجيه الاتهام إلى المهاجر– المسلم خاصة- الذي أخذ مناصب العمل التي هي أساسا من حق لأوروبيين، ومن ثم المناداة باتخاذ إجراءات بشأن القادمين الغرباء إلى بلادهم.
ثانيا: صعود قوي اليمين الثقافي والديني الأكثر تطرفا:
شهدت الساحة السياسية الغربية عموما (الأوروبية خصوصا) منذ ثمانينات القرن العشرين (20) صعودا قويا لأحزاب اليمين المتطرف، صعودا كان سببه النقاش الحاد حول موضوع الهجرة و الأقليات المهاجرة داخل أوروبا واحتدم النقاش أكثر حول مكانتها منذ أحداث 11/09/2001( ).
وحسب المتخصصة في الشؤون الأوروبية في مؤسسة روبرت شومان ماغالي بالنت "أن اليمن المتطرف أثبت منذ تحقيقه اختراقا في الثمانيات، أنه أصبح يُشكل قوة سياسية لافتة على الساحة الأوروبية"( ).
و هذا الصعود القوي لليمين المتطرف يمكن قراءته من زوايا عديدة:
أولها: أن النجاحات الكبيرة التي حققتها تيارات اليمين المتطرف في أوروبا خاصة خلال الانتخابات التي جرت في 2009 (مثل هولندا، بلجيكا، النمسا، فرنسا، السويد) تعكس إلى حد ما صعود الحركات المعادية للأجانب، وهو ما يعني ضمنيا تداعي مفهوم العيش المشترك.
وأن سبب هذه النجاحات حسب دراسة للباحث المتخصص في مجال اليمين المتطرف فورفقانغ كايوست، هي( ):
ـ أن قادة هذه التيارات يطرحون حلولا سهلة لمشاكل اقتصادية معقدة؛ فهؤلاء مثلا يرون أن حل مشكلة البطالة لا يتأتى إلا من خلال طرد المهاجرين الأجانب، الذين يستولون على عمالة أبناء البلد، وهي حلول ذات طبعة عنصرية موجهة لأولئك المهاجرين من العالميين العربي والإسلامي.
ـ ويتبنون قضية واحدة هي قضية الهجرة وما تثيره من مسائل عديدة (مثل قوانين الهجرة، الجنسية، المواطنة، الحقوق النقابية والاجتماعية). ويسمى هذا النمط من الأحزاب في الأدبيات السياسية بأحزاب ذات قضية واحدة، وهي الأحزاب التي تبني خطابها السياسي وبرنامجها الانتخابي و قوتها الجماهيرية على موضوع واحد.
ثانيها: أن هذه النجاحات التي حققتها قوى اليمين المتطرف امتدت لتشمل تغيير بنية النظام السياسي وتعامله مع الأقليات، خاصة الأقليات المسلمة. ويتجلى ذلك بوضوح من خلال طرح العديد من الدول الأوروبية لقوانين الهجرة والتجنس للنقاش في البرلمانات، وكذا تشريعات تمس الحقوق والحريات الدينية للمسلمين ( ).
ففي فرنسا مثلا طالب الرئيس ساركوزي نيكولا بوقف الهجرة الكثيفة إلى بلده وتقنينها. وفي بريطانيا ركز زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون –الذي استعار خطاب الحزب القومي البريطاني المتطرف- على كثافة الهجرة إلى بريطانيا، وعلى ضرورة إتباع سياسة الحصص للمهاجرين وإنشاء شرطة حدود لتطبيق هذه السياسة.
إن هذا الصعود القوي لليمين المتطرف في دول أوروبا الذي يعتمد خطابا أقرب إلى العنصرية وشديد اللهجة عندما يتعلق الأمر بالمهاجرين المسلمين خاصة، يجد مبرره حسب بعض المحللين في الإسلام الذي دخل بقوة إلى الساحة الأوروبية وأصبح –حسب ادعاءات اليمين المتطرف- خطرا يهدد الهوية الوطنية الغربية( ).
واستطاع بذلك هذا التيار أن يكرس حالة التهديد الإسلامي لأوروبا، خاصة بعد نجاحه في استمالة قطاعات اجتماعية جديدة تتميز بوجود حالة خوف لديها من الإسلام الغريب.
ثالثها: أن صعود قوى اليمين المتطرف يعني ضمنيا تراجع قوى اليسار الغربية، التي سادت منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وبلغت ذروتها مع ستينيات القرن العشرين.
هذه القوى تبنت مواقف منفتحة في تعاملها مع الأقليات الدينية واللغوية الموجودة داخلها، ما أدى إلى بروز التنظير لفكر التعددية الثقافية في إطار الدولة القومية. معنى ذلك أنها فضلت الانفتاح الديني والثقافي على الأقليات بما فيها المسلمة، وتجسد ذلك الانفتاح من خلال أفكار وبرامج سياسية ترحب بالآخر في هذه المجتمعات الغربية، ترحيبا يتجلى في ضمان حقوق ومزايا مختلفة لها( ).
لكن وابتداء من سبعينيات القرن العشرين، بدأت قوة اليسار تضعف تدريجيا بسبب التحولات الاقتصادية التي شهدتها المجتمعات الغربية، وتحولها من الاقتصاد الصناعي إلى اقتصاد الخدمات، ما أفقده الثقل السياسي للعمال كشريحة انتخابية وفكرية. إلى جانب المشكلات الاقتصادية التي عرفتها تلك المجتمعات مثل مشكلة البطالة وتراجع الطبقة الوسطى.
وهو ما استغلته قوى اليمين المتطرف، فتحركت مركزة على مخاطبة القوى التي تأثرت بالتغييرات الاقتصادية، ومنتقدة اليسار على عدم ولاءه لمجتمعاته وتسامحه مع الأجانب، ومنادية بالعودة إلى التراث الثقافي التقليدي للغرب في إطار التمسك بالهوية، والانسحاب من إطار التعددية الثقافية الغربية لصالح الدولة القومية كما ظهر في القرن التاسع عشر( ).
ما يعني ضمنيا إعلان الحرب على تلك الأقليات الموجودة ذات الثقافة الغريبة عن ثقافة المجتمعات الغربية تحت شعار الخوف على الهوية والمحافظة على الثقافة الغربية من التلاشي أمام الثقافة الإسلامية.
وتقف على رأسها الأقليات المسلمة، التي تحمل عادات وتقاليد ومعتقدات دينية إسلامية وترغب في المحافظة عليها داخل هذه المجتمعات.
ثالثا: هاجس الغرب نحو البحث عن عدو جديد بعد سقوط الاتحاد السوفياتي سابقا:
تبرز واحدة من أهم الأسباب التي كانت وراء تنامي ظاهرة العداء للإسلام، في طرح الغرب لفكرة الإسلام كعدو بديل للشيوعية. وتجد هذه الفكرة جذورها الحديثة في المقولة التي ذكرها السناتور دان كويل، نائب الرئيس السابق جورج بوش، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، "بأن العدو الوحيد المتبقي في وجه الغرب هو الإسلام"( ) . وجاءت أحداث 11 سبتمبر 2001، لتوحي للغرب عموما واليمين المتطرف خصوصا للترويج لنظرية الإسلام كعدو جديد لا بد أن يتوحد ضده الغرب، وهو مرشح للعب هذا الدور باعتباره دينا أجنبيا، إلى جانب التنامي المضطرد للمسلمين في الغرب.
ولقد وجدت هذه المقولة تأييدا أكبر من قطاع هام في المجتمعات الغربية، يتكون في معظمه من مسؤولين أوربيين وأمريكيين وحتى إسرائيليين إلى جانب عدد من الأكاديميين ( ).
ورغم أن عددا كبيرا من الأكاديميين المحايدين()، يرون في عدم وجود أي تهديد للغرب من قبل العالم الإسلامي، ويؤكدون أن هذه الفكرة (الإسلام هو العدو الجديد للغرب) هي من اختراع الإستراتيجية الغربية، التي تحتاج دائما إلى عدو جديد، وأنها تشكل أحد مرتكزات السياسة الغربية في القرون الماضية( ) . إلا أنها ساهمت وتساهم بشكل كبير في زيادة الخوف من الإسلام والمسلمين لدى المجتمعات الغربية، وصعدت من حدة العداء الذي انعكس في الكثير من الإجراءات والأحداث مست المسلمين سواء كأفراد أو جماعات أو مؤسسات.
والجدير بالذكر في نهاية هذه القراءات القول أن كل واحد منها ساهم مساهمة جديرة بالاعتبار في تفسير تنامي ظاهرة الاسلاموفوبيا ـ الخوف الشديد من الإسلام المؤدي إلى تكريس العداء المطلق للمسلمين ـ الذي وجد(أي التنامي) سنده بشكل كبير في الدور الذي لعبته الآلة الإعلامية الغربية، والإجراءات السياسية التي اتخذها الحكومات الغربية.
وهو ما يؤكد بوضوح المسؤولية التي يتحملها المثقفين والسياسيين ووسائل الإعلام، من خلال تصاريحهم أو كتاباتهم أو مقالاتهم، التي تدور كلها وعلى اختلافها لتصب في قالب واحد وهو تكريس العداء للإسلام والمسلمين. وسوف تتم مناقشة كل ذلك في الفصل القادم.
المحور الثاني: دور الخطاب الإعلامي والسياسي في تنامي ظاهرة العداء للإسلام والمسلمين في المجتمعات الغربية:
أولا: دور وسائل الإعلام الغربية في خلق مناخ إسلاموفوبي.
تنطوي ظاهرة الاسلاموفوبيا على تنامي مشاعر الخوف والعداء للإسلام والمسلمين، ولقد لعبت وسائل الإعلام الغربية دورا بارزا في خلق مناخ اسلاموفوبي، وتعزيز الدعاية المعادية للإسلام، من خلال التنامي المضطرد للمصطلح في الخطاب الإعلامي.
فإذا حاولنا حصر بعض أشهر الجرائد الغربية خلال خمس سنوات الأخيرة سوف نجد أن تكرار المصطلح في جريدة مثل تايمز البريطانية قد ارتفع من 12 مرة في 2001، إلى 92 مرة في 2006، وفي جريدة نيويورك تايمز الأمريكية، من 02 مرة في 2001 إلى 5 مرات في 2006.
وهو دليل واضح على الدور الذي تلعبه الجماعة الإعلامية في تحريك صناعة الصورة في إطار من الافتعال الذي قد يحمل بعض الحقيقة، إلا أن التضخيم من شأنه أن يلعب دورا مهما في مد الصورة في كامل خريطتها. ولقد أكدت سوزان جوج ذلك عندما اعتبرت أن فهرس الأفكار الواردة التي تمارس هيمنتها، سوف تسيطر بفضل السياق ووسائل الإعلام على العقول (...) وبفضل الذكاء الاستراتيجي لأصحابها ومئات الملايين من الدولارات التي تمولها( ).
انطلاقا مما تتقدم، أجمع الكثير من المحللين على الدور البارز الذي لعبه الإعلام الغربي (في أوروبا وأمريكا) في تشكيل صورة الإسلام والمسلمين، وتصويره في صورة الخطر القادم الذي يتعين مواجهته.
وفي هذا الصدد أكد روبار سوان (Robert Swan) الأمين العام السابق للرابطة البرلمانية من أجل التعاون الأوروبي العربي، في محاضرة له حول ''الإسلام كما يراه الغرب'' كان قد ألقاها "أن الصورة التي يرى الغرب من خلالها الإسلام تتوقف أكثر فأكثر على وسائل الإعلام. ويؤكد المؤلف شعوره بأن الصحافة والتلفزيون في الغرب لا تتحرى بالقدر الكافي ولا تتردد في نشر الأنباء الزائفة بهدف تشويه واقع العالم الإسلامي"( ).
وهو ما أشار إليه تورستين جيرالد سنايدر في كتابه العداء للإسلام "أن مصدر هذا العداء هو الإعلام، مؤكدا أن الإعلام الغربي بعد انهيار الشيوعية، كان يبحث عن سبيل من أجل أن يبقى على قيد الحياة في دول (نقصد هنا دول أوروبا) ترعى حرية الرأي والتعبير، ولم يجد بُدا في ذلك إلا أن يتخذ من الإسلام عدوا له لتأجيج نار حرب ضروس تقع بين الإسلام والمسيحية( ).
ما يعكس بوضوح الدور المنحاز لوسائل الإعلام ضد الإسلام، الذي صعد أكثر في حملاته العدائية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث تفننت وسائل الإعلام الغربية في وصف الدين الإسلامي بالإرهاب والإقصاء والتعصب، والعداء للحرية والديمقراطية والتقدم والتطور العلمي وكل ما هو غربي( ).
إن هذا التناول الإعلامي للظاهرة، من طرف وسائل الإعلام الغربية، والذي يرتبط عادة بوقوع أحداث إرهابية تستهدف المجتمعات الغربية أو إحباطها، ساهم كثيرا في تكريس العداء للإسلام في اللاوعي عند الغربيين( ). ما أفضى إلى وجود توجهات معادية للأقليات خاصة المسلمة بهذه المجتمعات، وأصبح الهدف واحد رغم تعدد وسائل تحقيقيه، وهو محاصرة انتشار هذا الدين حفاظا على الهوية والثقافة الغربية.
هذه الدعاية المعادية للإسلام في الغرب ـ التي تملك سلطة إعلامية فائقة ساعدت على تجذير العقلية الجماعية المعادية للإسلام ـ وجدت مصادرها في وسائل الإعلام نفسها وفي هذا الصدد يؤكد الباحث الأكاديمي بمعهد الاتجاهات والدراسات حول العالم العربي والإسلامي الأستاذ Vincent Geisser، أن الفضاء الإعلامي الغربي شكل مجالا شاسعا لترسيخ الرؤية الضيقة للإسلام والمسلمين( ).
ويتجلى ذلك بوضوح من خلال عديد الأمثلة التي سوف نقدمها، والتي على تنوعها واختلافها من دولة إلى أخرى، إلا أنها تشترك جميعا في أنها واحدة من أهم مصادر الاسلاموفوبيا في الغرب.
فمثلا في فرنسا يُعتبر الخطاب الذي تقدمه مجموعة من الصحفيين الذين تقدمهم وسائل الإعلام في فرنسا على أنهم حماة الجمهورية (مثل: Pierre André/ Jacque Julliard/ Jean François Revel). واحدة من أهم مصادر الاسلاموفوبيا. وهو خطاب لا يتعامل مع الدين باعتباره دينا كباقي الأديان، بل يحاول ترسيخ إطار نمطي يضع الإسلام والمسلمين في موضع المهددين لروح الجمهورية الفرنسية( ).
وهو ما يساهم في نشر جو من الريبة والكراهية تجاه كل من له علاقة بالدين الإسلامي، لأن الصورة النمطية التي يقدمها الإعلام الغربي عن الإسلام والمسلم على حد سواء، تعمل على تغذية المخاوف من هذا الدين وتضعه في موضع العدو البديل.
ولقد نقلت الإنترنيت ما نشرت بعض الصحف الغربية، ومن ذلك صحيفة ''الفيغارو'' الفرنسية في عددها الصادر بتاريخ 1 أكتوبر 2001، في مقال بإمضاء ابن وراق وغي هنبال، جاء فيه " أن الإسلام ليس دين اعتدال وأن أغلبية المسلمين الذين يبلغ عددهم مليار شخص ليسوا مواطنين مسالمين.
ثم جاءت الصحيفة الإيطالية ''كورياري ديلاسيرا'' فزادت في الطين بلة بنشر مقال لاذع لأوريانا فلاتشي، تنكر فيه البعد الثقافي للحضارة العربية الإسلامية، وتتعرض بالثلب لكل المسلمين دون أدنى احترام لأدبيات الصحافة والإعلام( ).
وأكثر من ذلك ذهبت العديد من الصحف والمجلات الغربية إلى ترديد كلمة "القنبلة الإسلامية" ما ساهم في رسم صورة للإسلام الذي يهدد الغرب. فمثلا نشرت صحيفة Time على غلافها صورة تجمع بين المئذنة والبندقية تحت عنوان "الخطر الإسلامي، هل يجب أن نخاف الإسلام، المسلمون قادمون" وهي عدد من الصيحات التي ترددت في الفترة الأخيرة في وسائل الإعلام الغربية( ).
إلى جانب ذلك تساهم وسائل الإعلام الغربية في خلق هذا المناخ الاسلاموفوبي، من خلال تداولها الممزوج لصورة الاسلاموي والإرهابي، حتى مقالات بعض الصحف التي تكون في كثير من الأحيان موضوعية، ترفق بهذه الصور النمطية لتُحقق مبيعات عالية.
ولا يقتصر الأمر فقط على الصحف والمجلات بل يمتد ليشمل وسائل الإعلام المرئية، وفي هذا الإطار تتحرك الجماعة الإعلامية لصناعة الصورة في إطار من الافتعال الذي قد يحمل معه الكثير من التضخيم، وتقدم أفلاما تظهر من خلالها العربي المسلم مجرد شخص إرهابي متخلف( ). وهي الصورة السلبية التي انطبقت في ذهن ووجدان المواطن الغربي، وترسخت أكثر عقب أحداث 11 سبتمبر 2001.
كما يلعب التضخيم الإعلامي لحوادث أو تهديدات العنف الموجهة للغربيين، من خلال عرض مقابلات لأفراد مسلمين وجماعات صغيرة في الدول العربية وهم يهددون الغرب و مصالحه بالتركيز على أحداث معينة مثل اختطاف الرهائن الغربيين، أو تفجير الطائرات دون أدنى تميز بين التطرف والاعتدال، دورا مهما في تعزيز فكرة الخوف من الإسلام ومن ثم زيادة عدائية الغرب لكل ما يمت له بصلة.
هذا العداء العداء للإسلام ورموزه الذي بلغ ذروته عندما بادرت العديد من الصحف في الدول الغربية من نشر صور مسيئة للرسول الكريم -صلى الله عليه و سلم- وأعادت نشرها في كثير من الصحف والمجلات مثل صحيفة HEBDO CHARLIE ، التي أثارت موجة سخط واستنفار لدى المسلمين داخل و خارج تلك الدول الغربية لتقديم الاعتذار( ) .
وتكون بذلك وسائل الإعلام الغربية قد لعبت دورا مزدوجا في تكريس الخوف من الإسلام والمسلمين من جهة، وتكريس العداء ضد كل ما يرمز لهذا الدين من جهة أخرى. عداء يجد شرعيته في استقلالية القضاء وتعلقه بمبدأ أساسي تتغنى به الديمقراطيات الغربية، ألا وهو حرية الرأي والتعبير( ).
ثانيا: الاسلاموفوبيا في الخطاب السياسي الغربي:
تظهر استطلاعات الرأي أن قرابة نصف الأميركيين لديهم آراء سلبية في الدين الإسلامي، ولا يمكن لأحد أن ينكر الخوف من الإسلام داخل أميركا. بل أكثر من ذلك، يمكن أن تتحول المخاوف الطبيعية والمفهومة إلى رفض قوي وعنصرية صريحة، عندما يزكي الخطاب السياسي ومعه التغطية الإعلامية النار من أجل تحقيق مصالح اقتصادية أو دينية أو فكرية) ( وهو ما يحدث في أميركا حاليا والغرب بصفة عامة.
وفي هذا الصدد يُؤكد الكثير من المفكرين الغربيين من أمثال شنايدر زان، بأن السياسة تشارك الصحافة في تكريس العداء للإسلام ما يعني خلق وتأجيج مناخ اسلاموفوبي. ويتجلى ذلك بوضوح في تلك الإجراءات والسياسات التي اتخذتها الكثير من الدول الأوربية قبل أحداث 11 سبتمبر 2001، إلا أنها أصبحت أكثر وضوحا وإصرارا على تطبيقها بعد تلك الأحداث، وعلى رأس تلك الإجراءات نجد: - سياسة التحجيم والاستئصال؛ وهي سياسة عنيفة تتبناها وتروج لها حركات اليمين المتطرف، التي نجحت في تحقيق الاختراق السياسي بعد تراجع حركات اليسار المعتدل، وتعلن هذه الحركات عن درجة العداء الصريح لكافة الأجانب في أوربا وخاصة المسلمين بدون أي تمييز بينهم( ).
ولقد كان لهذه السياسة مردودها حيث بدأت الحكومات الغربية في مراجعة أنظمتها القانونية التي تتيح حق الهجرة والعمل للأجانب(*).
ورغم أن هذه السياسات تبناها اليمين المتطرف المعروف بمواقفه من المهاجرين وعدائه للمسلمين، إلا أننا نجد امتداد العدوى إلى الكثير من قادة اليمين المعتدل في بعض البلدان الأوروبية، الذين استعاروا في حملاتهم الانتخابية خطابات اليمين المتطرف، معلنين نيتهم في اتخاذ الإجراءات بشأن القادمين الغرباء إلى بلادهم( ).
- تقديم مشاريع قوانين تضيق على المسلمين؛ فمثلا أقدام الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك عام 2004 على تقديم مشروع إلى البرلمان الفرنسي لمنع الحجاب في المدارس ودوائر الدولة( ). ورغم أن شيراك معروف بحرصه على الإبقاء على العلاقات مع العرب والمسلمين، إلا أن التقاليد الديمقراطية حالت دون ذلك باعتبار أن القرار يتعلق برأي الجمهور الفرنسي الذي يمثله.
وبالفعل تم حضر الحجاب وصوت البرلمان الفرنسي بحضر وتحريم النقاب، بحجة أن هذا اللباس يتناقض والتقاليد العلمانية الفرنسية حسب التبرير الذي قدمه نيكولا ساركوزي، وأصدر البرلمان البلجيكي قانونا مشابها لذلك، وقضى الاستفتاء السويسري بمنع بناء المآذن( ).
وتحرك العديد من السياسيين الأمريكيين لتحويل قضية مسجد نيويورك إلى قضية سياسية، استغلها السياسيون كبار مثل نوت جينحريتش قائد ثورة الجمهوريين والطامع في رئاسيات 2012 ، في تأجيج الجدل حول بناء هذا المسجد رغم ما ينطوي عليه من إساءة للإسلام( ).
- التأسيس لمنظمات معادية لوجود الإسلام؛ حيث عرفت مثل هذه المنظمات تناميا متزايدا في أمريكا مثلا بشكل أساسي، ذات الصلة بسياسيين أوروبيين ينتمون إلى اليمين المتطرف الأوروبي مثل منظمتي: "أوقفوا أسلمة أمريكا" " وتحرك من أجل أمريكا". ما يبين بوضوح تمكن الإسلاموفوبيا من الدخول إلى الخطاب السياسي الغربي بما في ذلك الأوروبي والأمريكي، وأصبحنا أمام تراجع ظاهرة المقبول سياسيا.
ـ سياسات اليمين المتطرف؛ فعند استعراض نتائج انتخابات 2010 في العديد من الدول الغربية سوف نلحظ بكل وضوح صعود اليمين المتطرف بقوة في عديد من الدول الغربية.
فلقد فاز حزب الحرية اليميني المتطرف في هولندا بـ 25 مقعدا من أصل 150مقعدا، مُتجاوزا بذلك الحزب الديمقراطي المسيحي الذي حصل على 21 مقعدا، وفاز حزب الديمقراطيون اليميني المتطرف في السويد بـ 20 مقعدا من الأصوات وهي نسبة مرتفعة جدا( ).
وهي إحصاءات تعكس بوضوح صعود اليمين المتطرف وتحقيقه خرقا سياسيا، مكنه من احتلال مكانة على الصعيد السياسي، وهو المعروف بمواقفه العدائية ضد الأجانب، وخاصة الأقليات المسلمة وإثارته الجدل بين النخب السياسية اليسارية، التي فضلت التعددية والانفتاح الثقافي على المهاجرين والأقليات، واليمينية التي تنادي بالعودة إلى التراث التقليدي.
ـ مواقف النخب السياسية؛ فهي مواقف غير واضحة بل أكثر من ذلك تتميز بالتضارب في ردها حول ما يتعرض له الإسلام والمسلمين من تمييز وعدائية.
فمثلا لم تقدم غالبية أعضاء النخبة السياسية الأميركية حلولا واضحة للتعامل مع ظاهرة الإسلاموفوبيا، أو مع ما يتعرض له المسلمون من تمييز في الولايات المتحدة، بل تسابقت غالبية تلك النخب على تسجيل أهداف سياسية مستغلين مشاعر العداء للإسلام والمسلمين بالمجتمع الأميركي. مثل ما حدث في مواقف عديدة خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان( ).
أما فيما يتعلق بموقف الإدارة الأميركية نفسها فقد حرصت في أكثر من مناسبة على الفصل بين الإسلام ومعتقدات الإرهابيين، ولكنها في نفس الوقت استخدمت مصطلحات مثل "الإسلام الراديكالي" والإسلام الفاشي" في وصف معتقدات الإرهابيين، وهي مصطلحات غير محددة التعريف تربط بين الإسلام والإرهاب خاصة لدى المواطن الأميركي العادي الذي يفتقر للمعرفة الكافية وللقدرة على فهم المغزى المحدد لتلك المصطلحات( ).
إذن ساهم الخطاب السياسي في تكريس ظاهرة العداء للإسلام والمسلمين خاصة بعد صعود قوى وتيارات اليمين المتطرف في أوروبا، وتنازل أخرى عن وسطيتها وتحركها نحو مزيد من اليمينية و العداء للدولة (مثل الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الأمريكية).
ما كرس شيئا فشيئا العنصرية في ايطاليا مثلا وفرنسا وألمانيا، وبدأت تأخذ شكلا أكثر صراحة بدرجة متزايدة، وأصبحت ردود الفعل السياسي والعنف ضد العرب أكثر حدة وانتشارا( ).
إلى جانب ظهور بعض الحركات ذات التوجهات العدائية والتي أثبتت تحول ظاهرة الإسلاموفوبيا إلى حركة جماهيٍرية لها وجود على الساحة السياسية، متخطية لحواجز ظاهرة المقبول سياسيا.
وتكرس العداء أكثر من خلال جملة الإجراءات اتخذت على المستوى السياسي، والتي أسست لظاهرة الخوف من الإسلام الداخلي (بمعنى الأقليات المسلمة الموجودة في أوروبا وأمريكا) أو ما يحلو للبعض أن يسميه بالطابور الخامس( ).
وتجلت هذه الإجراءات في جملة من القوانين والتشريعات المعادية للمسلمين في الدول الغربية (منع الحجاب والبرقع- منع بناء المساجد والمآذن قانونيا...الخ) وهي تدخل كلها في نطاق حملة العداء للإسلام والمسلمين بعد أن استطاعت التعبئة الإعلامية والسياسية إقناع الغرب عموما بأن المسلمين هناك يسعون لأسلمة هويتهم وأوطانهم أو غزوها ثقافيا.
وفي المقابل لا تكف تلك الشعوب عن طرح سؤال "لماذا تكرهوننا"، وهي ممارسة يفسرها الطب النفسي وفق السيرورة التالية: "طالما أنكم تكرهونني دون سبب، فسأعطيكم الأسباب التي تبرر كرهكم لي" ( ).
الخاتمة: في نهاية هذه الدراسة بات جليا أن نؤكد أن الإسلام يتعرض فعلا إلى هجمة شرسة من طرف الغرب الديمقراطي الذي لايتردد في التلويح بمبادئ الديمقراطية. ديمقراطية باسمها يحد من ممارسة الأقليات المسلمة الموجودة داخل هذه المجتمعات الغربية لحرياتها الدينية، وأكثر من ذلك يدنس معتقداتهم الدينية، ويدنس صورة نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم باسم حرية التعبير.
وهو ما يعني ضرورة التصدي لهذه الهجمة بمختلف الوسائل ولكن بغاية شريفة هدفها تحسين صورة الإسلام وتوضيح الرؤية حوله لدى الغرب. وإذا كانت الآلة الإعلامية في الغرب قد استطاعت أن تكرس العداء للإسلام والمسلمين، فإن على الآلة الإعلامية في الدول الإسلامية أن تعمل جاهدة على تحسين هذه الصورة.وعلى الجميع في الدول الإسلامية مثقفين وحكام ومحكومين ورجال دين وإعلاميين، أن يتحركوا في سبيل تحقيق هذا الهدف.وفي هذا الإطار لابد أن نشير إلى بعض المبادرات التي من شأنها أن تساهم في علاج ظاهرة الإسلاموفوبيا:
المبادرة التي قامت بها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة – الإيسيسكو - وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية، بالتعاون والتنسيق مع معهد ابن سينا للعلوم الإنسانية، والمتعلقة بالندوة الدولية حول موضوع الإسلام والإعلام في أوروبا وسبل مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، وذلك بمدينة ليل في الفترة من 07 إلى 09 يونيو 2010، حيث خرج المؤتمرون بفكرة أساسية تتعلق بكيفية توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصال في خدمة تصحيح المعلومات الخاطئة عن الإسلام والحضارة الإسلامية استنادا إلى الإطار العام لبرنامج الرد على حملات التشويه الإعلامي للإسلام والحضارة الإسلامية.
ولقد خرج المؤتمرون بعدة توصيات تعتبر بمثابة حلول لمعالجة ظاهرة الإسلاموفوبيا منها على سبيل المثال لا الحصر:
1. خلق قنوات للحوار مع القيادات الفكرية وقادة الرأي والقيادات الإعلامية والسياسية في الدول الغربية، عن طريق مؤسسات المجتمع المدني في العالم الإسلامي النشيطة في مجال الإعلام وحقوق الإنسان للحد من الآثار السلبية لظاهرة (الإسلاموفوبيا).
2. حث المثقفين والإعلاميين المقيمين بالبلدان الغربية على الانخراط في الحياة العامة والمشاركة في النقاشات العامة للدفاع عن صورة الإسلام ومحاربة الصورة النمطية حول المسلمين، وإصدار النداءات والعرائض ضد استفزاز مشاعر المسلمين في الدول الغربية.
3. تفعيل دور المستشارين الإعلاميين والثقافيين في سفارات الدول الإسلامية المعتمدة في الدول الغربية بما يمكنهم من المساهمة في تصحيح الصور النمطية حول الإسلام والمسلمين من خلال تعزيز علاقات التعاون مع الإعلاميين والصحافيين في وسائل الإعلام في إطار الزيارات السياحة الثقافية المتبادلة والدورات التدريبية والحلقات الدراسية المشتركة. تفعيل الأدوار السياسية والاجتماعبة للجاليات المسلمة
4. إشراك المثقفين والإعلاميين الغربيين في حملات الدفاع عن الإسلام وتصحيح المعلومات حوله و الحفاظ على مشاعر المسلمين وتعزيز علاقات التعاون معهم في إطار جمعيات أو رابطات الصداقة أو ما شابه ذلك ضمن هذا الإطار نذكر جهود وأعمال الفيلسوف الفرنسي الكبير جاك بيرك الذي تعمق في دراسة الثقافة الإسلامية، وقام بترجمة معاني القرآن الكريم: "انه من الضروري مكاملة الإسلام في النسق الفكري الغربي، مؤكدا أن الفكر الغربي سوف يغنم الكثير بانفتاحه الايجابي على هذا الدين العظيم وهذه الحضارة الاسلامية الرائعة بدلا من الأحكام المسبقة الموروثة حولها". وهذه المكاملة هي بد ذاتها مشروع فكري متكامل يتطلب مؤسسة فكرية لإنتاجه. بما يستتبع الدعوة لعدم الاستمرار في إهمال إنشاء هذا النوع من المؤسسات العلمية والفكرية. كما نذكر في المجال الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي وغيره من المتنورين ممن يجب التواصل وإقامة الروابط والصلات معهم.
5.تـرجمة التراث الإسـلامي رصدت الإحصائيات الغربية ،الأميركية خصوصاً، تنامي رغبة الجمهور للإطلاع على الدين الإسلامي وإقباله على الكتب المعنية به والمساعدة على فهم الإسلام. بدءاً من الكتب التي تبسط فهم الاسلام ولغاية امهات الكتب التراثية. وهو مشروع قابل للتنفيذ تدريجياً وفق الامكانيات المتوافرة. وكذلك توفير سبل مواجهة الإساءات للإسلام عبرالتجارب المتوافرة ومن الأمثلة على ذلك تجربة مركز الدراسات والأبحاث لتصحيح صورة الاسلام بمدينة فاس المغربية الذي تم بدعم واسناد من جامعة القرويين العريقة بفاس، حيث تأسس هذا المركز في عام 2007 ويهتم برصد الحملات المعادية للإسلام والمضامين التي تنشرها وسائل الإعلام الغربية لتشويه صورة المسلمين ويعمل على الرد عليها في مخاطبات مباشرة لتلك الصحف والوسائل الإعلامية أو عبر إصدار منشورات ومطبوعات خاصة ترد على تلك المزاعم.
دور الإعلام العربي في مواجهة التحديات الراهنة
بقلم/
سالم شيخ باوزير
نشر منذ: 5 سنوات و شهرين و 16 يوماً
السبت 01 سبتمبر-أيلول 2007
من المعطيات الماثلة للعيان أن الإعلام العربي لم يرتقِ بعد إلى مستوى التحديات الراهنة والمتغيرات ومايتردد من أحداث وتطورات خطيرة تنصب في معمعات الإصلاحات الديمقراطية المنطلقة من مشروع الولايات المتحدة الأمريكية « الشرق الأوسط الجديد» وهذا مايؤكد تنامي الدور الريادي لإعلامنا العربي في مواجهة المخطط الصهيوني ومحاولات الإملاءات من الخارج والهيمنة والاستحواذ وطمس الهوية القومية العربية والاستهداف الأحادي الجانب ضد الأنظمة العربية والإسلامية بهدف محاولة تخليها عن جوانب مشرقة ومضيئة في تاريخها الحضاري والإنساني وقيم الدين الإسلامي الحنيف.
إن وسائل إعلامنا العربي لم تصل بعد إلى درجة التأثير الإعلامي الفاعل والحشد الجماهيري والسياسي وإذكاء روح الحماس الوطني واستيعاب المهام والواجبات المناطة بأمتنا العربية ونفض غبار الترهل الإعلامي والإداري والسطحية والعمل على رفع درجة الفاعلية والارتقاء بمستوى التأهيل الإعلامي والقدرات الإعلامية المؤثرة في نشاط وبرامج الاذاعات العربية والقنوات الفضائية والصحافة والتعامل بإيجابية مع مصفوفة التحديات الصحافية المعاكسة لكافة التطورات الساخنة ومايجري في أروقة الإعلام العربي من تحدٍ ودرجة من التصدي والتعمق والخطاب الإعلامي الخشن والتقليل من قدرة العمل العربي والإعلامي.
القليل من الفضائيات العربية تمكنت من الوقوف الند للند وبمستوى الطموح وكشف الأمور الملتوية والتصريحات المتشنجة في استجابة واعية وحتمية لمرحلة الصراع الفكري والسياسي الساخن ومنها قناة الجزيرة بقطر والعربية واللبنانية وقناة أبوظبي هذه القنوات وغيرها استطاعت أن تقوم بتغطية إعلامية جادة وعطاء إعلامي متميز في أحداث الحادي عشر من سبتمبر وحرب افغانستان وحر